الوسواس تسببه البروتينات

a

الوسواس تسببه البروتينات

كشفت تجارب مخبرية أعدها باحثون عالميون عن وجود ارتباط محتمل بين نقص أحد البروتينات في خلايا الدماغ, وزيادة احتمالية إصابة الفرد باضطراب الوسواس القهري. وأجرى فريق من الباحثين بقيادة مختصين من جامعة ديوك الأمريكية تجارب لتوضيح الطريقة التي تتواصل من خلالها الخلايا الدماغية مع بعضها بعضاً, حيث اكتشفوا وبشكل غير مقصود أن الفئران التي تعرضت لتحولات جينية حالت دون تصنيعها لبروتين محدد في خلايا الدماغ, أظهرت سلوكيات مشابهة لأعراض اضطراب الوسواس القهري, إذ قام الفأر منها بفرك وجهه حتى النزف, كما أنه كان يهاب الخروج من قفصه
يعد اضطراب الوسواس القهري من الاضطرابات النفسية الشائعة الحدوث حول العالم, فهو يصيب 2 في المائة من سكانه. وتستحوذ على المصاب أفكار تتطفل عليه بشدة, وأفعال يجد نفسه مجبراً على القيام بها بشكل متكرر, هذا إلى جانب معاناته من التوتر, وتختلف شدة الإصابة تبعاً للحالة.‏
وعلى الرغم من أن العوامل (البيولوجية العصبية) لهذا المرض لا تزال غير معروفة, إلا أن هنالك ما يشير إلى تورط الجينات في هذا الأمر.‏
ويعتقد الباحثون أن التجارب الأخيرة قدمت دلائل مهمة تشير إلى آلية محتملة لاضطراب الوسواس القهري, حيث بينت أن نقص بروتين SAPAP3 , الأساسي لنقل الإشارات العصبية من خلية إلى أخرى عبر العقد العصبية, قد يتسبب بمعاناة الفرد من هذا الاضطراب النفسي.‏
وبحسب ما نشر حول هذا الموضوع في دورية (طبيعة) في العدد الصادر للثالث والعشرين من شهر أغسطس/آب الماضي, فقد ركزت التجارب الأخيرة على منطقة محددة من الدماغ تعرف باسم Striatum, والتي تفرز خلاياها تراكيز عالية من بروتين SAPAP3, وتعد مسؤولة عن التحكم بتخطيط الحركة وتنفيذها عند الفرد, بالإضافة إلى أنها تتحكم ببعض الوظائف في ما يختص بالإدراك.‏
وطبقاً للنتائج فإن تزويد الفئران التي خضعت للتحولات الجينية ببروتين SAPAP3 , عمل على إصلاح الخلل الحاصل لديها, حيث تراجعت أعراض اضطراب الوسواس القهري التي عانت منها.‏
كما تبين من خلال التجارب أن عقاقير SSRI , التي تزيد من تراكيز السيال العصبي السيروتونين, والمستخدمة في علاج اضطراب الوسواس القهري عند البشر, خففت من توتر الفئران, وقللت من عملية فرك الوجه التي مارستها بشدة.‏
ويعلق الدكتور جوبنج فينج المختص بعلم الجينات الجزيئية من جامعة ديوك, وعضو فريق البحث إذ يقول (إن الفئران التي لا تستطيع تصنيع هذا البروتين تظهر سلوكيات مشابهة لما هو عند الأشخاص المصابين باضطراب الوسواس القهري), مضيفاً أننا لا نستطيع التحدث إلى الفئران لمعرفة ما تفكر به, إلا أن الفئران التي خضعت للتحول, قامت بأشياء تشبه ما يحدث في هذا النوع من الاضطرابات.‏
ويعتبر اضطراب الوسواس القهري مرضا سلوكيا عصبيا, ويتميز هذا الاضطراب برغبة قوية من الشخص للسيطرة على المحيط الخارجي الذي حوله, وكذلك وجود أفكار مكررة, لا يرغبها الشخص, وتأتي رغما عنه, حتى بعد محاولته إبعادها والتخلص منها, ويعلم الشخص أن هذه الافكار هي أفكاره.‏
ويقوم الشخص المصاب بهذا المرض بأفعال قهرية لا يستطيع الامتناع عنها نظرا لأن هذه الافعال تخفف قلقه. وهذا القلق يخف لفترة محدودة ثم يعود مرة أخرى مما يستدعي المريض بالوسواس القهري إلى تكرار أفعال بصورة مبالغ بها قد تؤدي إلى اضاعة وقته وخسارته المعنوية والمادية إضافة إلى أن بعض الاعمال القهرية تؤدي إلى الضرر البدني بالشخص مثل كثرة الغسيل لأماكن معينة في الجسم, وربما بمواد مضرة كالمطهرات الكيميائية.‏